ساعة بانيراي إيجيزيانو، صُنعت لأبطال الجيش المصري.

في السنوات المضطربة التي أعقبت قيام إسرائيل عام 1948، وقفت مصر صامدة في دفاعها عن السيادة العربية. وإدراكًا للحاجة إلى قوات بحرية نخبوية قادرة على استهداف خطوط إمداد العدو، أسست البحرية المصرية وحدة سرية من الغواصين القتاليين تُعرف باسم "الفرقة السرية"، تحت تدريب خبراء إيطاليين من وحدة "ديشيما إم إيه إس" الأسطورية في الحرب العالمية الثانية.

بحلول منتصف الخمسينيات، احتاج هؤلاء المحاربون إلى معدات فائقة الجودة. قادهم بحثهم إلى شركة أوفيسين بانيراي، الصانع الإيطالي الشهير ل ساعات الغوص للبحرية الإيطالية. طالب المصريون بساعة تناسب خطورة مهمتهم: مقاومة للماء، سهلة القراءة، ومصممة لتحمل قسوة المعارك.

 ميلاد الإيجيزيانو (GPF 2/56)

استجابت بانيراي بتحفة فنية ساعة "إيجيزيانو" (GPF 2/56) المصممة خصيصًا لغواصي مصر. بعلبة فولاذية ضخمة قياس 60 مم (الأكبر في ذلك الوقت)، صُممت لتحقيق أقصى درجات الموثوقية، مع غطاء محكم بستة مسامير وواقي تاج مبتكر. في الداخل، زُودت الساعة بمحرك من أنجيلوس ذات القدرة التشغيلية لـ 8 أيام، مما يضمن عملها دون توقف خلال المهام الطويلة.

القرص المطلي بمادة راديومير المضيئة احتوى على عداد ثوانٍ صغير عند الساعة 9 وهو أول تصميم من نوعه لبانيراي—مع نقش"8 Giorni Brevettato" (8 أيام حاصلة على براءة اختراع) كدليل على متانتها. كما أن الحافة الدوارة مكّنت الغواصين من ضبط توقيت الغوص بدقة، مما جعلها الأداة المثالية للعمليات تحت الماء.

عندما تحركت القوات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية ضد مصر عام 1956، كانت الإيجيزيانو حاضرة. على معصم غواصي الفرقة السرية، لعبت الساعة دورًا محوريًا في المهمة الجريئة لإغلاق قناة السويس بإغراق السفن لوقف تقدم العدو. حتى بعد انتهاء الصراع، استمرت الساعة في العمل، تمامًا كما صمدت مصر بصلابة.

 

لم يُنتج سوى 50 قطعة من الإيجيزيانو، مما يجعل كل منها تحفة نادرة من التاريخ العسكري المصري. اليوم، تُعد القطع الباقية كنوزًا يقتنيها جامعو الساعات، لكن قيمتها الحقيقية تكمن في قصتها قصة الابتكار، والصلابة، والإرادة التي لا تلين لقواتنا المسلحة.

لم تكن الإيجيزيانو مجرد ساعة. بل كانت سلاحًا، ورفيقًا، ووسام شرف للرجال الذين ارتدوها في أعماق البحر. لمصر، تبقى رمزًا للفخر الوطني شاهدًا على أن جنودنا عندما طالبوا بالاستقلال، حققوه.

 الاعتماد المبكر ل بانيراي على رولكس (1930–1950)

محركات و علبة أويستر رولكس: من الثلاثينيات حتى الخمسينيات، اعتمدت ساعات بانيراي العسكرية (مثل راديومير و مار نوستروم) بشكل كبير على رولكس:

- الحركات: حركة رولكس كال. 618 (معدلة من كورتبرت).
- الحوافظ: تصميمات على طراز أويستر من إنتاج رولكس مع تاج محكم.
- التيجان وأغطية الحوافظ: غالبًا ما كانت تحمل شعار رولكس.

شراكة رولكس-بانيراي: كانت رولكس المورد الرئيسي، بينما ركزت بانيراي على تقنيات الإضاءة (راديومير ثم لومينور) والعقود العسكرية.

 

عندما طورت بانيراي الإيجيزيانو للبحرية المصرية (موديل GPF 2/56)، مثلت نقلة نوعية:

حركة أنجيلوس بدلًا من رولكس
- استخدمت الإيجيزيانو حركة أنجيلوس SF240 (يدوية لمدة 8 أيام) بدلًا من حركات رولكس.
- السبب؟ تحولت رولكس إلى الحركات الأوتوماتيكية الداخلية (مثل كال. 1030)، والتي لم تتناسب مع احتياجات بانيراي العسكرية (التي تحتاج لاحتياط طويل للطاقة وموثوقية عالية).
- أنجيلوس كانت شركة سويسرية متخصصة في الحركات طويلة المدى، فكانت الخيار الأمثل.

 

- العلبة الفولاذية مقاس 60 مم كانت من تصميم بانيراي بالكامل، بعيدًا عن تقليد أويستر.
- التاج خالٍ من شعار رولكس، كإشارة واضحة للاستقلال.

 

- صُممت الإيجيزيانو خصيصًا للبحرية المصرية، دون وساطة إيطالية (التي كانت تستخدم ساعات بانيراي المعتمدة على رولكس).

- هذا أكد قدرة بانيراي على التعاقد مباشرة مع الجيوش دون الحاجة لرولكس.

بعد نجاح الإيجيزيانو، واصلت بانيراي مسيرتها المستقلة بعيدًا عن رولكس.

نحتفل بالإرث الخالد لبانيراي إيجيزيانو—ساعة صُنعت ل أبطال البحرية المصرية.

عاشت مصر، وعاشت بانيراي إيجيزيانو الأسطورية!